فصل: (أمور أخرى تتعلق بالحج):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.(أمور أخرى تتعلق بالحج):

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ تَمَتَّعَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَرَنَ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَقْرِنُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ أَحَدٌ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ.
قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا يُحْرِمُ أَحَدٌ بِالْعُمْرَةِ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْقِرَانُ عِنْدِي مِثْلُهُ، لِأَنَّهُ يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إحْرَامُ أَهْلِ مَكَّةَ بِالْحَجِّ وَمَنْ دَخَلَ بِعُمْرَةٍ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ دَخَلَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ وَعَلَيْهِ نَفْسٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ بِالْحَجِّ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ.
قَالَ: وَلَوْ أَنَّهُ أَقَامَ حَتَّى يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مَكِّيًّا أَتَى الْمِيقَاتَ أَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إلَى مِصْرَ أَوْ إلَى الْمَدِينَةِ فِي تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَأَقَامَ بِمِصْرَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّخِذَ الْمَدِينَةَ أَوْ مِصْرَ وَطَنًا يَسْكُنُهَا، فَرَجَعَ إلَى مَكَّةَ وَهِيَ وَطَنُهُ فَقَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ قِرَانُهُ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ إلَى مَكَّةَ مِثْلَ أَهْلِ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ وَمَرِّ الظَّهْرَانِ، أَهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ مَكَّةَ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ - إنْ قَرَنُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ - دَمُ الْقِرَانِ؟
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ قَرَنُوا فَعَلَيْهِمْ دَمُ الْقِرَانِ، وَلَا يَكُونُوا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ مَكَّةَ إنْ قَرَنُوا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَعَلَيْهِمْ دَمُ الْقِرَانِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَاَلَّذِينَ لَا دَمَ عَلَيْهِمْ إنْ قَرَنُوا أَوْ تَمَتَّعُوا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ إنَّمَا هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَذِي طَوًى لَا غَيْرُهُمْ.
قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ مِنًى الَّذِينَ يَسْكُنُونَ مِنًى أَوْ غَيْرَهُمْ مِنْ سُكَّانِ الْحَرَمِ قَرَنُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَقْرِنُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْهُ، أَوْ دَخَلُوا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَقَامُوا بِمَكَّةَ حَتَّى حَجُّوا كَانُوا مُتَمَتِّعِينَ وَلَيْسُوا كَأَهْلِ مَكَّةَ وَأَهْلِ ذِي طَوًى فِي هَذَا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ أَيْنَ يُهِلُّ أَهْلُ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ وَمَرِّ الظَّهْرَانِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مِنْ مَنَازِلِهِمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مِيقَاتُ كُلِّ مَنْ كَانَ دُونَ الْمِيقَاتِ إلَى مَكَّةَ مِنْ مَنْزِلِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مِمَّنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ جَاهِلًا وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ فَلْيَرْجِعْ إلَى الْمِيقَاتِ إنْ كَانَ لَا يَخَافُ فَوَاتَ الْحَجِّ فَلْيُحْرِمْ مِنْ الْمِيقَاتِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الْحَجِّ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَعَلَيْهِ لِمَا تَرَكَ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ دَمٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ حِينَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَتَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ فَلْيَمْضِ وَلَا يَرْجِعُ، مُرَاهِقًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُرَاهِقٍ وَلْيُهْرِقْ دَمًا.
قَالَ: وَلَيْسَ لِمَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُنْقَضُ إحْرَامُهُ.
قُلْتُ: فَأَهْلُ الْقُرَى الَّذِينَ بَيْنَ مَكَّةَ وَذِي الْحُلَيْفَةِ عِنْدَ مَالِكٍ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْآفَاقِ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّهُمْ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْآفَاقِ لِأَنَّ مَوَاقِيتَهُمْ مِنْ مَنَازِلِهِمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إلَى مَكَّةَ فَأَحْرَمَ بَعْدَمَا تَعَدَّى الْمِيقَاتَ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمِ، أَيُجْزِئُهُ مَكَانُ هَذَا الدَّمِ طَعَامٌ أَوْ صِيَامٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ الطَّعَامُ وَيُجْزِئُهُ الصِّيَامُ إنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا يَكُونُ الصِّيَامُ أَوْ الطَّعَامُ مَكَانَ الْهَدْيِ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى أَوْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَأَمَّا فِي دَمِ الْمُتْعَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ فَصِيَامٌ وَلَا يَكُونُ مَوْضِعَ دَمِ الْمُتْعَةِ طَعَامٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ هَدْيٍ وَجَبَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَجْلِ عَجْزٍ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ وَطِئَ أَهْلَهُ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ لِشَيْءٍ تَرَكَهُ مِنْ الْحَجِّ، يَجْبُرُ بِذَلِكَ الدَّمُ مَا تَرَكَ مِنْ حَجِّهِ فَإِنَّهُ يَهْدِي، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا صَامَ، وَلَا يَرَى الطَّعَامَ مَوْضِعَ هَذَا الْهَدْيِ وَلَكِنْ يَرَى مَكَانَهُ الصِّيَامَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَكَمْ يَصُومُ مَكَانَ هَذَا الْهَدْيِ؟
قَالَ: يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً تُحْمَلُ مَحْمَلَ هَدْيِ الْمُتَمَتِّعِ، وَإِنَّمَا يَجْعَلُ لَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ هَذَا الْهَدْيِ إذْ هُوَ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ كَانَ وَرَاءَ الْمِيقَاتِ إلَى مَكَّةَ فَتَعَدَّى وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ فَأَحْرَمَ بَعْدَمَا جَاوَزَ مَنْزِلَهُ إلَى مَكَّةَ وَتَعَدَّاهُ أَتَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الدَّمُ، قَالَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي مِيقَاتِ أَهْلِ عُسْفَانَ وَقَدِيدٍ وَتِلْكَ الْمَنَاهِلِ: إنَّهَا مِنْ مَنَازِلِهِمْ، فَلَمَّا جَعَلَ مَالِكٌ مَنَازِلَهُمْ لَهُمْ مِيقَاتًا رَأَيْتُ إنْ هُمْ تَعَدَّوْا مَنَازِلَهُمْ فَقَدْ تَعَدَّوْا مِيقَاتَهُمْ، إلَّا أَنْ يَكُونُوا تَقَدَّمُوا لِحَاجَةٍ وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ الْحَجَّ فَبَدَا لَهُمْ أَنْ يَحُجُّوا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ مَوْضِعِهِمْ الَّذِي بَلَغُوهُ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ جَازُوا مَنَازِلَهُمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِعُسْفَانَ فَبَلَغَ عُسْفَانَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عُسْفَانَ فَلْيَحُجَّ مِنْ عُسْفَانَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا تَرَكَ مِنْ الْمِيقَاتِ، لِأَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَمَا جَاوَزَ أَنْ يَحُجَّ، فَلْيَحُجَّ وَلْيَعْتَمِرْ مِنْ حَيْثُ بَدَا لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي مَكِّيٍّ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ فَحُصِرَ بِمَرَضٍ، أَوْ رَجُلٌ دَخَلَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فَفَرَغَ مَنْ عُمْرَتِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَحُصِرَ فَبَقِيَا مَحْصُورَيْنِ حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ مِنْ حَجِّهِمْ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَخْرُجَانِ إلَى الْحِلِّ فَيُلَبِّيَانِ مِنْ الْحِلِّ، وَيَفْعَلَانِ مَا يَفْعَلُ الْمُعْتَمِرُ وَيُحِلَّانِ وَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ مَعَ حَجِّهِمَا قَابِلًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لَكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا فَاتَهُ الْحَجُّ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ أَيْنَ يَجْعَلُ هَذَا الْهَدْيَ؟
قَالَ: فِي حَجِّهِ مِنْ قَابِلٍ الَّذِي يَكُونُ قَضَاءً لِهَذَا الْحَجِّ الْفَائِتِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا الدَّمَ قَبْلَ حَجٍّ قَابِلٍ خَوْفًا مِنْ الْمَوْتِ؟
قَالَ: يَجْعَلُهُ فِي حَجٍّ قَابِلٍ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَلَيْسَ إنَّمَا يُهْرِيقُهُ فِي حَجٍّ قَابِلٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ بِمِنًى؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ فَاتَهُ أَنْ يَنْحَرَهُ بِمِنًى اشْتَرَاهُ فَسَاقَهُ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ فِي الْحِلِّ إنْ كَانَ مِمَّا يُقَلِّدُ وَيُشْعِرُ، ثُمَّ أَدْخُلهُ مَكَّةَ فَنَحْرَهُ بِهَا أَيُجْزِئُ عَنْهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَأَقْبَلَ مِنْ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ حَاجًّا يُرِيدُ قَضَاءَ الْحَجِّ الْفَائِتِ، أَلَهُ أَنْ يَقْرِنَ وَيُضِيفَ إلَى هَذِهِ الْحَجَّةِ - الَّتِي هِيَ قَضَاءٌ لِحَجَّتِهِ - عُمْرَةً؟
قَالَ: لَا وَلَكِنْ يُفْرِدُ كَمَا كَانَ حَجُّهُ الَّذِي أَفْسَدَهُ مُفْرِدًا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَأَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ، مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ إنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ الْقَضَاءَ فَيَقْضِيَ الْعُمْرَةَ وَحْدَهَا وَيَقْضِيَ الْحَجَّةَ وَحْدَهَا وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَقْضِيهِمَا جَمِيعًا قَارِنًا كَمَا أَفْسَدَهُمَا قَارِنًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ فِي مَكِّيٍّ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ أُحْصِرَ، أَنَّهُ يَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ فَيُلَبِّي مِنْ هُنَاكَ لِأَنَّهُ أَمَرَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَقَدْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ، أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ فَيَعْمَلَ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مَا يَعْمَلُ الْمُعْتَمِرُ وَيُحِلُّ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَأَرَادَ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ أَلَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ بَعْدَ عُمْرَتِهِ تِلْكَ عُمْرَةً أُخْرَى قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَعْتَمِرُ بَعْدَ عُمْرَتِهِ حَتَّى يَحُجَّ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، لِمَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ بَعْدَ عُمْرَتِهِ؟
قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا كَانَ يَقُولُ: الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ إنَّمَا هِيَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ اعْتَمَرَ لَلَزِمَتْهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: تَلْزَمُهُ إنْ اعْتَمَرَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ عُمْرَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُولَى فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مَكِّيًّا أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهَا حَجَّةً؟
قَالَ: يَلْزَمُهُ جَمِيعًا وَيَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَرَمَ لَيْسَ بِمِيقَاتٍ لِلْمُعْتَمِرِينَ.
قُلْتُ: وَيَصِيرُ قَارِنًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ وَلَكِنَّهُ مَكِّيٌّ فَلَيْسَ عَلَى الْمَكِّيِّ دَمُ الْقِرَانِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ يَدْخُلُ مِنْهُ مُهِلًّا عَلَى إحْرَامِهِ ذَلِكَ لَا يَفْسَخُهُ وَلَا يُجَدِّدُهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِمَكَّةَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَحَنِثَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ غَيْرِ أَهْلِهَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ وَيَدْخُلَ مُهِلًّا إمَّا بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ هُوَ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ بَعْدَمَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ وَقَدْ كَانَ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ فَلَيْسَ بِقَارِنٍ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِمَا أَخَّرَ مِنْ حِلَاقِ رَأْسِهِ فِي الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَضَى عُمْرَتَهُ حِينَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ عَلَيْهِ إلَّا الْحِلَاقُ، فَلَمَّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَحْلِقَ فَأَخَّرَ ذَلِكَ فَصَارَ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ دَمٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ: هَذَا الْآخَرُ، فِي الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَمَتَّعَ الَّذِي يُحْرِمُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ بَعْدَمَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ لِعُمْرَتِهِ يَقُولُ عَلَيْهِ الدَّمُ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَذَا قَدْ عَرَفْنَا قَوْلَ مَالِكٍ فِيمَنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، فَمَا قَوْلُهُ فِيمَنْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ كَيْفَ يَصْنَعُ؟
قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْعُمْرَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَا سَمِعْتُ عَنْهُ وَهُوَ رَأْيِي.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَاهِقٍ، أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَاهِقٍ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ؟
قَالَ: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ وَلَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ فَلَا أَحْفَظُهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَلَكِنْ أَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الدَّمُ، وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا أَوْ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ فَخَشِيَ إنْ طَافَ أَوْ سَعَى، أَنْ يَفُوتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَتَرَكَ ذَلِكَ وَخَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ وَفَرَضَ الْحَجَّ هَذَا الْمُعْتَمِرُ، وَمَضَى هَذَا الْحَاجُّ كَمَا هُوَ إلَى عَرَفَاتٍ وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُرَاهِقًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَرَأَيْتُ هَذَا الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي تَرَكَ الطَّوَافَ بَعْدَ دُخُولِ الْحَرَمِ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الدُّخُولِ وَالطَّوَافِ فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ الدَّمُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنْ مَكِّيًّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ أَوْ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مَنْ خَارِجِ الْحَرَمِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ لِمَا تَرَكَ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ؟
قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ.
قُلْتُ: وَإِنْ هُوَ مَضَى إلَى عَرَفَاتٍ وَلَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ لِمَا تَرَكَ مِنْ أَنْ يَعُودَ إلَى الْحَرَمِ بَعْدَ إحْرَامِهِ إذَا كَانَ مُرَاهِقًا؟
قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ.
قَالَ: وَهَذَا رَجُلٌ زَادَ وَلَمْ يُنْقِصْ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ كَانَ مُرَاهِقًا، فَلَمَّا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ فَأَحْرَمَ مِنْهُ زَادَ وَلَمْ يُنْقِصْ.
قُلْتُ لَهُ: أَفَيَطُوفُ هَذَا الْمَكِّيُّ إذَا أَحْرَمَ مِنْ التَّنْعِيمِ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عَرَفَاتٍ بِالْبَيْتِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَكُونُ خِلَافَ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ الْحَرَمِ، لِأَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَقَدْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَإِذَا طَافَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ أَوْ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ، فَلْيُؤَخِّرْ الطَّوَافَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ مِنْ عَرَفَاتٍ، فَإِذَا رَجَعَ طَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمَكِّيَّ لَمَّا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَوْ هَذَا الْمُتَمَتِّعُ طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى عَرَفَاتٍ؟
قَالَ: فَإِذَا رَجَعَ مِنْ عَرَفَاتٍ فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلْيَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَا يُجْزِئُهُ طَوَافُهُ الْأَوَّلُ وَلَا سَعْيُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ هَذَا الْمُتَمَتِّعَ لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حِينَ رَجَعَ مِنْ عَرَفَاتٍ حَتَّى خَرَجَ إلَى بِلَادِهِ أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ وَذَلِكَ أَيْسَرُ شَأْنِهِ عِنْدِي.
وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا فَاتَ هَكَذَا رَأَيْتُ السَّعْيَ الْأَوَّلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يُجْزِئُهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيْنَ الْمَوَاقِيتُ عِنْدَ مَالِكٍ؟
قَالَ: ذُو الْحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ مَرَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَأَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ مِصْرَ وَمَنْ وَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، فَمِيقَاتُهُمْ ذُو الْحُلَيْفَةِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتَعَدَّوْهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ مَرَّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَوْ أَهْلِ مِصْرَ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأُحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ فَذَلِكَ لَهُ وَاسِعٌ، وَلَكِنَّ الْفَضْلَ لَهُ فِي أَنْ يُهِلَّ مِنْ مِيقَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا مَرَّ بِهِ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَوَقَّتَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِمَنْ مَرَّ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَمِيقَاتُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَرَّ بِالْمَدِينَةِ فَأَرَادَ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا الْجُحْفَةُ مِيقَاتُ أَهْلِ مِصْرَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ، وَلَيْسَتْ الْجُحْفَةُ لِلْعِرَاقِيِّ مِيقَاتًا فَإِذَا مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَلْيُحْرِمْ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ لِي مَالِكٌ: وَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِمِيقَاتٍ لَيْسَ هُوَ لَهُ بِمِيقَاتٍ فَلْيُحْرِمْ مِنْهُ، مِثْلُ أَنْ يَمُرَّ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ مِصْرَ قَادِمِينَ مِنْ الْعِرَاقِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَإِنْ قَدِمُوا مِنْ الْيَمَنِ فَمِنْ يَلَمْلَمَ، وَإِنْ قَدِمُوا مِنْ نَجْدٍ فَمِنْ قَرْنٍ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَهْلِ الْآفَاقِ مَنْ مَرَّ مِنْهُمْ بِمِيقَاتٍ لَيْسَ لَهُ فَلْيُهْلِلْ مِنْ مِيقَاتِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ مِصْرَ: إذَا مَرُّوا بِالْمَدِينَةِ فَأَرَادُوا أَنْ يُؤَخِّرُوا إحْرَامَهُمْ إلَى الْجُحْفَةِ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَلَكِنَّ الْفَضْلَ فِي أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ مِيقَاتِ الْمَدِينَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهَا طَرِيقُهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَسْلَمَ يَوْمَ الْفِطْرِ رَأَيْت عَلَيْهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَلَوْ أَسْلَمَ يَوْمَ النَّحْرِ كَانَ عِنْدِي بَيِّنًا أَنْ يُضَحِّيَ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَرَادَ حَاجَةً إلَى مَكَّةَ أَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَقْدَمَ مِنْ بَلَدِهِ إلَى مَكَّةَ فَيَدْخُلَهَا مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَاسِعًا فِي مِثْلِ الَّذِي صَنَعَ ابْنُ عُمَرَ، حِينَ خَرَجَ إلَى قُدَيْدٍ فَبَلَغَهُ خَبَرُ الْفِتْنَةِ فَرَجَعَ فَدَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَلَا أَرَى بِمِثْلِ هَذَا بَأْسًا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا أَرَى بَأْسًا لِأَهْلِ الطَّائِفِ وَأَهْلِ عُسْفَانَ وَأَهْلِ جِدَّةَ الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ بِالْفَاكِهَةِ وَالْحِنْطَةِ، وَأَهْلِ الْحَطَبِ الَّذِينَ يَحْتَطِبُونَ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكْبُرُ عَلَيْهِمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا رَأَيْتُ قَوْلَهُ حِينَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ إلَّا وَأَرَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي أَهْلِ قُدَيْدٍ وَمَا هِيَ مِثْلُهَا مِنْ الْمَنَاهِلِ، إذَا لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُمْ الِاخْتِلَافَ وَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدُهُمْ مِنْ مَكَّةَ فَيَرْجِعُ لِأَمْرٍ كَمَا صَنَعَ ابْنُ عُمَرَ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ عَرَضَتْ لَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ فِي السَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِثْلِ الْحَوَائِجِ الَّتِي تَعْرِضُ لِأَهْلِ الْقُرَى فِي مَدَائِنِهِمْ: أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُوهَا إلَّا بِإِحْرَامٍ وَمَا سَمِعَتْهُ وَلَكِنَّهُ لَمَّا فَسِرّ لِي مَا ذَكَرْتُ لَكَ رَأَيْتُ ذَلِكَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَارِنًا دَخَلَ مَكَّةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَهُوَ رَأْيِي.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: لِمَ؟ أَوْ لَيْسَ قَدْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَلَّ مِنْهَا إلَّا أَنَّ الْحِلَاقَ بَقِيَ عَلَيْهِ؟
قَالَ: لَمْ يُحِلَّ مِنْهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَلَكِنَّهُ عَلَى إحْرَامِهِ كَمَا هُوَ، وَلَا يَكُونُ طَوَافُهُ الَّذِي طَافَ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ لِعُمْرَتِهِ وَلَكِنَّ طَوَافَهُ ذَلِكَ لَهُمَا جَمِيعًا، وَهَذَا قَدْ أَحْرَمَ بِهِمَا جَمِيعًا وَلَا يُحِلُّ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَلَا يَكُونُ إحْلَالُهُ مِنْ عُمْرَتِهِ إلَّا إذَا حَلَّ مِنْ حَجَّتِهِ.
قَالَ: وَهُوَ إنْ جَامَعَ فِيهِمَا فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مَكَانَ مَا أَفْسَدَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ أَهْلَ مَكَّةَ إنْ قَرَنُوا مِنْ الْمَوَاقِيتِ أَوْ مَنْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ تَمَتَّعُوا، هَلْ عَلَيْهِمْ دَمُ الْقِرَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: الْقِرَانُ وَدَمُ الْمُتْعَةِ وَاحِدٌ، وَلَا يَكُونُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ دَمُ الْقِرَانِ وَلَا دَمُ الْمُتْعَةِ أَحْرَمُوا مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْمِيقَاتِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْمَنَاهِلِ الَّذِينَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَوَاقِيتِ قَرَنُوا أَوْ تَمَتَّعُوا، أَيَكُونُ عَلَيْهِمْ؟ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الدَّمُ بِمَا تَمَتَّعُوا أَوْ قَرَنُوا؟
قَالَ: نَعَمْ وَإِنَّمَا الَّذِينَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ هَدْيٌ إنْ قَرَنُوا أَوْ تَمَتَّعُوا أَهْلُ مَكَّةَ نَفْسِهَا وَأَهْلُ ذِي طَوًى.
قَالَ: فَأَمَّا أَهْلُ مِنًى فَلَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا أَهْلُ مَكَّةَ الَّذِينَ لَا مُتْعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا دَمَ قِرَانٍ إنْ قَرَنُوا أَهْلُ مَكَّةَ الْقَرْيَةَ نَفْسَهَا وَأَهْلُ ذِي طَوًى.
قَالَ: فَأَمَّا أَهْلُ مِنًى فَلَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ مَكَّةَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؟
قَالَ: عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ فِي رَأْيِي، وَهُوَ قَارِنٌ وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَهَلَّ مِنْ الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أَضَافَهَا إلَى عُمْرَتِهِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ فِي الْحَجِّ؟
قَالَ: لَا، قُلْتُ: لِمَ وَقَدْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ إلَّا مُحْرِمًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَاوَزَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَدْخَلَ الْحَجَّ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ بَعْدَمَا تَعَدَّى الْمِيقَاتَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَتَرَى عَلَيْهِ لِلَّذِي تَرَكَ مِنْ الْمِيقَاتِ فِي الْعُمْرَةِ دَمًا؟
قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ فَجَاوَزَهُ مُتَعَمِّدًا فَأَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ لِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ إنَّ عَلَيْهِ دَمًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَلِهَذَا رَأَيْتُ عَلَى هَذَا دَمًا وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَلَا يُشْبِهُ عِنْدِي الَّذِي جَاءَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ فِي الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ يَعْتَمِرُونَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ، لِأَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ لَهُمْ فِي الْعُمْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا مَوَاقِيتَهُمْ، فَأَمَّا مَنْ أَتَى مِنْ بَلَدِهِ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُتَعَمِّدًا بِذَلِكَ فَأَرَى عَلَيْهِ الدَّمَ كَانَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَجَامَعَ فَأَفْسَدَ حَجَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّيْدَ وَحَلَقَ مَنْ الْأَذَى وَتَطَيَّبَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ فِي جَمِيعِ مَا يُصِيبُ مِثْلُ مَا يَلْزَمُ الصَّحِيحَ الْحَجُّ، قُلْتُ: فَإِنْ تَأَوَّلَ فَجَهِلَ وَظَنَّ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إتْمَامُ مَا أَفْسَدَ لِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَتَطَيَّبَ وَلَبِسَ وَقَتَلَ الصَّيْدَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَامِدًا لِفِعْلِهِ، أَتَرَى أَنَّ الْإِحْرَامَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِهَذَا أَوْ لِكُلِّ شَيْءٍ فَعَلَهُ فِدْيَةٌ؟
قَالَ: عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ مَا عَدَا الصَّيْدَ وَحْدَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ صَيْدٍ جَزَاءً.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ لِدُخُولِ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ؟
قَالَ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٍ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ عَصَى وَفَعَلَ مَا لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّمَا تَرَكْتُ أَنْ أَجْعَلَ عَلَيْهِ أَيْضًا حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً لِدُخُولِهِ هَذَا لِلَّذِي قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، إنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْخُلَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ.
قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْخُلَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَلَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ أَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ أَوْ الْجَارِيَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يُدْخِلُهُمْ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَيُخْرِجُهُمَا إلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ وَهُمَا غَيْرُ مُحْرِمَيْنِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمِنْ ذَلِكَ الْجَارِيَةُ يُرِيدُ بَيْعَهَا أَيْضًا فَيُدْخِلُهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ أَدْخَلَهُ سَيِّدُهُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَحْرَمَ مَنْ مَكَّةَ، أَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ دَمٌ لِمَا تَرَكَ مَنْ الْمِيقَاتِ؟
قَالَ: لَا، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ النَّصْرَانِيَّ يُسْلِمُ بَعْدَمَا دَخَلَ مَكَّةَ ثُمَّ يَحُجُّ مَنْ عَامِهِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْوَقْتِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ دَمٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَيُحْرِمُ بِالْحَجِّ: إنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ الْوَقْتَ، وَالْعَبْدِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: إنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَأَحْرَمَ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ الْوَقْتَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ فَأَعْتَقَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ عَلَى حَجِّهِ الَّذِي كَانَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ إحْرَامًا سِوَاهُ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَا يُجْزِئُهُ حَجُّهُ هَذَا الَّذِي أُعْتِقَ فِيهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ يُحْرِمُ بِحَجَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، ثُمَّ احْتَلَمَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَوَقَفَ، أَوْ قَبْلَ عَشِيَّةِ عَرَفَةَ بَعْدَمَا أَحْرَمَ أَيُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يُحْرِمْ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ، ثُمَّ أَحْرَمَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بَعْدَ احْتِلَامِهِ أَوْ احْتَلَمَ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَحْرَمَ بَعْدَمَا احْتَلَمَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ إحْرَامًا بَعْدَ احْتِلَامِهِ، وَلَكِنْ يَمْضِي عَلَى إحْرَامِهِ الَّذِي احْتَلَمَ فِيهِ وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ هَذَا قَوْلُهُ.
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: وَالْجَارِيَةُ مِثْلُهُ إذَا أَحْرَمَتْ قَبْلَ الْمَحِيضِ.
قُلْتُ لَهُ: أَيُّ أَيَّامِ السَّنَةِ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْعُمْرَةَ فِيهَا؟
قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَكْرَهُ الْعُمْرَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ كُلِّهَا إلَّا لِأَهْلِ مِنًى الْحَاجِّ، كَانَ يَكْرَهُ لَهُمْ أَنْ يَعْتَمِرُوا فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: أَرَأَيْتَ مَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ مَنْ خَرَجَ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ فَوَصَلَ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ إلَى التَّنْعِيمِ لِيُحْرِمَ؟
قَالَ: لَا يُحْرِمُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ: وَإِنْ قَفَلُوا إلَى مَكَّةَ فَلَا يُحْرِمُوا حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا سَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ حِينَ رَأَيْنَا بَعْضَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَزْعُمُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَفْتَاهُمْ بِذَلِكَ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: أَفَرَأَيْتَ أَهْلَ الْآفَاقِ أَيُحْرِمُونَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِالْعُمْرَةِ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَيْسُوا كَأَهْلِ مِنًى الَّذِينَ حَجُّوا، لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي مِنْ بِلَادِهِ، وَإِحْلَالُهُ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْحَاجِّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ عِنْدِي سَوَاءٌ كَانَ إحْلَالُهُ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى أَوْ فِي أَيَّامِ مِنًى وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْحَاجِّ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَجَامَعَ، ثُمَّ أَهَلَّ بَعْدَمَا أَفْسَدَ حَجَّهُ بِإِحْرَامٍ يُرِيدُ قَضَاءَ الَّذِي أَفْسَدَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْبَيْتِ وَيَفْرُغَ مِنْ حَجَّتِهِ الْفَاسِدَةِ؟
قَالَ: هُوَ عَلَى حَجَّتِهِ الْأُولَى وَلَا يَكُونُ مَا أَحْدَثَ مِنْ إحْرَامِهِ نَقْضًا لِحَجَّتِهِ الْفَاسِدَةِ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا رَأْيِي، قُلْتُ: أَفَيَكُونُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْإِحْرَامِ الَّذِي جَدَّدَ؟
قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَفَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا وَهُوَ رَأْيِي.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أُخْرَى أَتَلْزَمُهُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا تَلْزَمُهُ وَهُوَ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ حَجًّا عَلَى حَجٍّ، إنَّمَا لَهُ أَنْ يَفْسَخَهَا فِي عُمْرَةٍ أَوْ يُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ الْحَجِّ إلَى قَابِلٍ فَيَكُونَ حَجُّهُ تَامًّا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَجَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي حَجِّهِ فَأَفْسَدَ حَجَّهُ، ثُمَّ أَصَابَ صَيْدًا بَعْدَ صَيْدٍ وَلَبِسَ الثِّيَابَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَتَطَيَّبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فِي مَجَالِسَ شَتَّى، وَحَلَقَ لِلْأَذَى مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَفَعَلَ مِثْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ثُمَّ جَامَعَ أَيْضًا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ لِكُلِّ شَيْءٍ أَصَابَ مِمَّا وَصَفْتُ، الدَّمُ بَعْدَ الدَّمِ لِلطِّيبِ كُلَّمَا تَطَيَّبَ بِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ بَلَغَ عَدَدًا مِنْ الْفِدْيَةِ، وَإِنْ لَبِسَ الثِّيَابَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا وَإِنْ أَصَابَ الصَّيْدَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِجَزَاءِ كُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالْجِمَاعُ خِلَافُ هَذَا لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْجِمَاعِ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ امْرَأَةً وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ عَدَدًا مِنْ النِّسَاءِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي جِمَاعِهِ إيَّاهُنَّ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ دَمٌ وَاحِدٌ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ هُوَ أَكْرَهَهُنَّ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لَهُنَّ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ كَفَّارَةٌ، وَعَنْ نَفْسِهِ فِي جِمَاعِهِ إيَّاهُنَّ كُلِّهِنَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَالَ: وَعَلَيْهِ أَنْ يُحِجَّهُنَّ إذَا كَانَ أَكْرَهَهُنَّ وَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهُنَّ وَتَزَوَّجْنَ الْأَزْوَاجَ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحِجَّهُنَّ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُكْرِهْهُنَّ وَلَكِنَّهُنَّ طَاوَعْنَهُ فَعَلَيْهِنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ الْكَفَّارَةُ وَالْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَعَلَيْهِ هُوَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي جَمِيعِ جِمَاعِهِ إيَّاهُنَّ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَا حُجَّةُ مَالِكٍ فِي أَنْ جَعَلَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَصَابَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَفَّارَةً بَعْدَ كَفَّارَةٍ إلَّا فِي الْجِمَاعِ وَحْدَهُ؟
قَالَ: لِأَنَّ حَجَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَسَدَ، فَلَمَّا فَسَدَ مِنْ وَجْهِ الْجِمَاعِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَمَّا سِوَى الْجِمَاعِ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ وَالطِّيبِ وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَسَدَ حَجُّهُ، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ مِنْ هَذَا كَفَّارَةٌ بَعْدَ كَفَّارَةٍ.
وَسَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ أَهْلٌ بِمَكَّةَ وَأَهْلٌ بِبَعْضِ الْآفَاقِ، فَيَقْدَمُ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَذَا مِنْ مُشْتَبَهَاتِ الْأُمُورِ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ أَعْجَبُ إلَيَّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَأَنَّهُ رَأَى أَنْ يُهْرِيقَ دَمًا لِمُتْعَتِهِ.
قَالَ: وَذَلِكَ رَأْيِي.
وَسَأَلْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يَدْخُلُ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَنْصَرِفُ إلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ لَيْسَ إلَى الْبَلْدَةِ الَّتِي بِهَا أَهْلُهُ، ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ أَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَوْ أَهْلِ مِصْرَ، فَرَجَعَ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَإِنَّهُ عَلَى تَمَتُّعِهِ وَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ انْصَرَفَ إلَى أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَذَا لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ إلَى مَكَّةَ اعْتَمَرُوا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامُوا حَتَّى حَجُّوا مِنْ عَامِهِمْ أَيَكُونُ عَلَيْهِمْ دَمُ الْمُتْعَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ عَلَيْهِمْ دَمُ الْمُتْعَةِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِنًى أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ إلَى مِنًى حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامِهِ، أَنَّ عَلَيْهِ دَمَ الْمُتْعَةِ فَإِنْ هُوَ رَجَعَ إلَى مِنًى سَقَطَ عَنْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ قَدْ رَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْمَكِّيَّ إذَا أَتَى الْمَدِينَةَ ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى مَكَّةَ فَقَرَنَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَإِنْ كَانَ أَهَلَّ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ فَطَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَيُؤَخِّرُ الْهَدْيَ وَلَا يَنْحَرُهُ حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ وَيَثْبُتُ عَلَى إحْرَامِهِ أَمْ يَنْحَرُهُ وَيُحِلُّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ؟ يَنْحَرُهُ وَيُحِلُّ وَلَا يُؤَخِّرُهُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ.
قَالَ: وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ دَمِ الْمُتْعَةِ هَذَا الْهَدْيُ إنْ أَخَّرَهُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، لِأَنَّ هَذَا الْهَدْيَ قَدْ وَجَبَ عَلَى هَذَا الَّذِي سَاقَهُ أَنْ يَنْحَرَهُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلْيُحْلِلْ إذَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَيَنْحَرَ هَدْيَهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَتَى يَنْحَرُ هَذَا الْمُتَمَتِّعُ هَدْيَهُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: إذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ نَحْرَهُ، ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ ثُمَّ يُحِلُّ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَحْرَمَ.
قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُحْرِمَ فِي أَوَّلِ الْعَشْرِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا الَّذِي تَمَتَّعَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ: إنَّهُ إنْ أَخَّرَ هَدْيَهُ وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فَنَحْرُهُ يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ مُتْعَتِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُجْزِئًا عَنْهُ.
قَالَ: وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَكِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكَ مِنْ أَنَّهُ يَنْحَرُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَفِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا هُوَ تَرَكَهُ حَتَّى يَنْحَرَهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَيَثْبُتُ حَرَامًا أَمْ يَحِلُّ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: بَلْ يَحِلُّ وَلَا يَثْبُتُ حَرَامًا، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ أَخَّرَ هَدْيَهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الَّذِي تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ فَسَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ فِي عُمْرَتِهِ هَذِهِ فَعَطِبَ هَدْيُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَهُ؟
قَالَ: هَذَا الْهَدْيُ عِنْدَ مَالِكٍ هَدْيُ تَطَوُّعٍ، فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِهَدْيٍ مَضْمُونٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ وَلْيُحْلِلْ إذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَا يَثْبُتُ حَرَامًا لِمَكَانِ هَدْيِهِ الَّذِي سَاقَ مَعَهُ، لِأَنَّ هَدْيَهُ الَّذِي سَاقَهُ مَعَهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِحْلَالِ وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ هَذَا الْهَدْيَ الَّذِي سَاقَهُ هَذَا الْمُعْتَمِرُ فِي عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِمُتْعَةٍ أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ؟
قَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي هَدْيٍ، لِأَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَهْدَى بَدَنَةً تَطَوُّعًا فَأَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا وَأَهْدَاهَا، ثُمَّ عَلِمَ بِهَا عَيْبًا بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ فَيَأْخُذُهُ، فَقِيلَ لَهُ: فَمَا يَصْنَعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ؟
قَالَ: يَجْعَلُهُ فِي شَاةٍ فَيُهْدِيهَا فَهَذَا عِنْدِي مِثْلُهُ.